التوجه إلى صفحة استقبال الموقع  
 
حضرات السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز، أن نجعل من هذا الملتقى المبارك، الذي يصادف ذكرى مرور
30 سنة على إصدار الميثاق الجماعي، محطة جديدة ومصدرا لتعميق مسلسل اللامركزية التي شرعت بلادنا في إرساء أسسه منذ الاستقلال كخيار استراتيجي.
إن هذا الملتقى الذي ينعقد تحت شعار " تنمية المدن، مواطنة ومسؤولية " يعد بحق محطة تاريخية في مسار بلادنا نحو تعميق وترسيخ اللامركزية والديمقراطية المحلية.

وتتجلى أهمية هذه المحطة من خلال الحرص الشديد لجلالة الملك محمد السادس نصره الله على الإرتقاء بنظام اللامركزية كنهج وخيار استراتيجي في مجال تدبير الشأن المحلي.
فبعد التعليمات المولوية السامية الواردة في خطاب العرش لسنة
2006 الهادفة إلى تقييم حصيلة مسلسل اللامركزية بمناسبة الذكرى الثلاثين لإصدار الميثاق الجماعي، أبى جلالته إلا أن يشمل برعايته الكريمة هذا الملتقى برئاسته الفعلية لأشغاله وإعطائه توجيهاته السديدة لبلوغ الأهداف المتوخاة.
وقد حدد جلالته، في هذا السياق، الإطار التوجيهي الذي يجب اعتماده لتدعيم اللامركزية مبرزا معالمه الأساسية التي ترتكز على " تثبيت دعائمه بنظام الجهوية الواسعة واللاتمركز الإداري " في اتجاه إرساء أسس الحكامة الجيدة.
إننا مدعوون في إطار فتح هذا الورش الهام إلى تعميق التفكير والحوار من أجل إدخال إصلاحات جوهرية على نمط الحكامة الترابية.
كما أن اللاتمركز الإداري، الذي كان دوما مطلبا للمنتخبين لدعم اللامركزية، أصبح اليوم ضرورة ملحة لمأسسة الجهوية الواسعة التي دعا إليها صاحب الجلالة نصره الله وأيده.

حضرات السيدات والسادة،
إن الأدوار المحورية التي أصبحت تلعبها المدن كأقطاب للتنمية، والوتيرة السريعة التي يعرفها نمو المدن، تضع الجماعات المحلية أمام تحديات كبرى تطرح إشكاليات عدة ترتبط بمدى قدرة هذه الجماعات على مواجهة هذه التحديات وكسب رهان التنمية.
ومن هذا المنطلق، انصبت اهتماماتنا في هذا الملتقى على تشخيص الإشكاليات التي تعترض الجماعات المحلية في مسار التنمية والوقوف على السبل الكفيلة بمعالجتها.
وبقدر ما نسجل باعتزاز المساهمات الفعالة والبناءة التي طبعت أشغال اللجن الجهوية التحضيرية لهذا الملتقى، بقدر ما ننوه بالنقاش الجاد والمثمر وروح المسؤولية التي تم في إطارها تبادل الآراء بخصوص الإشكاليات المطروحة خلال هذا الملتقى.
ولا يفوتني كذلك أن أسجل التجاوب البالغ مع أهداف هذا الملتقى والمتمثلة في تحديد الأوراش والإصلاحات التي يجب اعتمادها في سياق إرساء وترسيخ الحكامة الجيدة لتدبير الشأن المحلي بالمدن.

حضرات السيدات والسادة،
إن معالجة الإشكاليات وكسب التحديات التي تفرضها تنمية المدن تستوجب، كما دعا إلى ذلك صاحب الجلالة نصره الله في خطابه بمناسبة افتتاح أشغال هذا الملتقى، تعزيز مسلسل اللامركزية بالإصلاحات والآليات الكفيلة بخلق الظروف المناسبة للجماعات المحلية للقيام بدورها كفاعل أساسي في مجال التنمية.
ومن خلال ما يمكن استخلاصه في هذا السياق، فإن هذه الإصلاحات يجب أن تنصب على ثلاثة جوانب أساسية يتعلق الجانب الأول منها بمواصلة الإصلاحات المتعلقة بالإطار العام القانوني والمؤسساتي المنظم لتدبير الشأن المحلي.
وهكذا، فقد شكلت الإصلاحات التي تضمنها الميثاق الجماعي لسنة 2002 بالفعل منعطفا هاما في مسار اللامركزية ببلادنا. غير أنه، وكما تم الوقوف على ذلك خلال أشغال هذا الملتقى، فإن المكتسبات التي تم تحقيقها في هذا الإطار، يتعين مواكبتها وتدعيمها على المستويات التالية :

أولاً : تعزيز منظومة الميثاق الجماعي من خلال عدد من الإجراءات يمكن أن نذكر منها :
- تعميق تجربة وحدة المدينة؛
- توضيح الصلاحيات وتحديد الاختصاصات؛
- إغناء الإطار القانوني بالآليات الضرورية لتدبير المرافق العمومية المحلية والمتعلقة بالخصوص بمجموعة الجماعات، وشركة الاقتصاد المختلط وآليات الاحتكام والتنسيق.

ثانياً : تحيين المنظومة المتعلقة بالمالية المحلية، تطبيقا للتعليمات الملكية السامية الهادفة إلى ملاءمة نظام الوصاية واعتماد آليات ناجعة فيما يخص تدبير الميزانيات وتحسين مساطر المراقبة والنظام المحاسباتي.

ثالثاً : إصلاح النظام الجبائي المحلي لتحسين مردوديته. وكما تعلمون فقد تم إعداد مشروع قانون في هذا السياق يوجد الآن في طورالدراسة والمصادقة عليه بالبرلمان. ويهدف هذا المشروع إلى تبسيط المنضومة الجبائية المحلية، ومطابقتها مع التطور الذي عرفه نظام اللامركزية وملاءمتها مع النظام الجبائي للدولة.

رابعاً : تعزيز القانون الأساسي لموظفي الجماعات بآليات توفر للجماعات إطارا ناجعا لتدبير الموارد البشرية وجلب الكفاءات الضرورية.

أما الجانب الثاني من الإصلاحات فيتعلق بتفعيل وتسريع مسلسل اللاتمركز الإداري حيث أن تعزيز مسارنا في مجال اللامركزية يتطلب، كما دعا إلى ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه بمناسبة عيد العرش، " العمل على ان يصبح التدبير اللامتمركز، بوصفه لازمة لخيار اللامركزية، قاعدة أساسية في جميع القطاعات العمومية، ومقوما ضروريا للحكامة الترابية الجيدة ".
إن ملاءمة التدبير الإداري، وفق هذا المنظور، سيكون له التأثير العميق ليس على مستوى تحسين تدبير الشأن العام فحسب وإنما على مستوى نجاعة ووتيرة إنجاز الخدمات والتجهيزات العمومية المحلية.
كما أن من شأن هذا الإجراء إضفاء الفعالية والانسجام على تدخلات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في كل المجالات.
واعتبارا لضرورة انخراط جميع القطاعات العمومية في مسلسل اللاتمركز الإداري، فإن وزارة الداخلية ستعمل جاهدة على المساهمة في بلورة رؤية شمولية تبرز الأسس والمبادئ التي يجب تبنيها في هذا السياق بغية إعطاء نفس جديد لمسار اللامركزية.

وبخصوص الجانب الثالث من الإصلاحات فإنه يتمثل في فتح الأوراش الضرورية لتأهيل الإدارة وتقوية المؤسسات الفاعلة فيما يخص الجماعات المحلية والإدارة الترابية.
فعلى مستوى الجماعات المحلية، التي أضحت مكسبا وعنصرا محوريا في مسلسل التنمية وإنعاش الاقتصاد وتقليص الفوارق الاجتماعية، ستعمل الوزارة على بلورة التوصيات المستقاة من هذا الملتقى والهادفة إلى تأهيل الإدارة المحلية وذلك باتخاذ إجراءات عملية تتبنى على الخصوص :
  • اعتماد تنظيم هيكلي يضمن للجماعات ممارسة المهام المنوطة بها في إطار أكثر نجاعة ومردودية.
  • تقوية قدرات الجماعات في إنجاز وتدبير المرافق العمومية باعتماد آليات البرمجة والتخطيط والشراكة وفي مجال التسيير باعتماد التقنيات المعلوماتية الحديثة وتحسين المساطر والأساليب المعتمدة في تسيير المصالح الإدارية.
  • النهوض بالعنصر البشري للارتقاء بمردودية العمل الجماعي وذلك من خلال تدعيم أساليب تدبير الموارد البشرية بآليات تهم مجالي التكوين والتحفيز.

وفضلا عن كل هذا فإن الإدارة الترابية ستكون كذلك، باعتبارها المنسق للعمل الحكومي على الصعيد المحلي، موضوع نفس الاهتمام قصد تدعيم هياكل العمالات والأقاليم على كافة المستويات عن طريق تزويدها بالكفاءات الضرورية وتحديث أساليب التدبير باعتماد التقنيات المعلوماتية وغيرها من وسائل التدبير الحديث للإدارة.

حضرات السيدات والسادة،
إنني وأنا أنقل إليكم اعتذار السيد الوزير الأول عن عدم تمكنه من حضور أشغال هذا الملتقى لأسباب طارئة، أود إبلاغكم أن الحكومة، تنفيدا للتعليمات المولوية السامية ستشرع في أقرب الآجال في بلورة الإطار القانوني والتنظيمي للاتمركز الإداري على أرض الواقع.
وستعمل الحكومة كذلك على مواكبة الإصلاحات المتعلقة بتطوير وتعزيز نظام اللامركزية. كما ستواصل الجهود المبذولة من أجل إعداد التراب الوطني وإنعاش الإستثمار ومواكبة عقود البرامج وذلك قصد خلق المناخ المناسب للإرتقاء بالقدرة التنافسية للجهات والمدن.

حضرات السيدات والسادة،
حرصا منا على بلورة التوصيات المنبثقة عن أشغال هذا الملتقى، فإننا سنعمل على ترجمتها على شكل مخطط عملي يشرع في إنجازه في الأمد القصير. كما أن هذه الوزارة، جريا على عادتها في نهج مقاربة تشاورية بخصوص الإصلاحات المزمع اعتمادها، ستعرض المشاريع التي سيتم تهيئتها في هذا الصدد، للتحاور والتشاور مع جميع الأطراف المعنية.
وإنني على يقين أن الملتقيات المقبلة للجماعات المحلية، التي نعتزم تنظيمها كل سنتين، ستشكل مناسبة للوقوف على الإنجازات والأشواط التي سنكون قد قطعناها في هذا المجال.
ولا يفوتني في الختام أن أتوجه بخالص الشكر وتجديد الترحيب بضيوفنا الكرام الذين لبوا دعوتنا للحضور في هذا الملتقى. كما أتوجه كذلك بجزيل الشكر لجميع المشاركين من منتخبين جماعيين وإقليميين وجهويين، وبرلمانيين وممثلي المجتمع المدني ومختلف القطاعات الإدارية والإنتاجية والجامعية.

وفقنا الله لما فيه الخير والسداد حتى نكون عند حسن ظن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الحوار الجهوي للدار البيضاء
تـفاصيل...



الحوار الجهوي لفاس
تـفاصيل...



الحوار الجهوي لطنجة
تـفاصيل...



الحوار الجهوي لمراكش
تـفاصيل...


 

 

 






جميـع حقوق النشر و الطبع محفوظة
© 2006




 Adobe Acrobat Reader  من أجل تصفح هذه الملفات، يلزمكم نضام التصفح